( الروح التائهة )
من سلسلة اساطير الخلود
تمشي في ظلمات الليل ، في الشارع الكبير المؤدي للمقبرة التراثية لمجتمع الفقراء ، تتعثر بجنائز الموتى و العظام المجردة ، متعطرة برائحة الجثث المتعفنة ، هذا ما يحصل كل ليلة لروح الطفلة اليتيمة ( ايراك Irak ) التي لا تزال قدميها الناعمتين غير قادرة على تحمل هذا العبء الكبير من الهرب من صائد الارواح . المسمى ( برل-مان ) و معناه رجل البرميل - و هذا الاسم اسطوري اسمه الحقيقي ( الشيطان سيراكوس ) - و سمي ب ( برل-مان ) لانه كان كان يصطاد الارواح الخيرة و يضعها في براميل صغيرة ليعذبها فكل ما يبقى من الروح هو صراخ يسمع قبيل الفجر من داخل ذلك البرميل الصغير يعرف بعذاب الصيحات ، لا احد يعلم ماذا يوجد داخل البرميل يقال انه شئ اشبه بالجحيم .
استطاعت روح الطفلة الصغيرة ( ايراك ) الهرب من برل-مان مدة طويلة بخلاف بقية الارواح التي استسلمت لعذاب الصيحات بعد مدة قصيرة ، بقيت ايراك في تلك المقبرة مختبئة خلف قبر والدها فترة طويلة يشير البعض انها تجاوزت الالف عام ( الارواح لا تتقدم في العمر ) و ذلك ان والدها كان قد حدثها في حياتها عن اسطورة ( السيد العظيم ) الذي يخرج عند هذه المقبرة ليحرر الارواح من قبضة الشيطان سيراكوس ، و في احد الاعوام ازدادت صيحات الارواح و كان يبدو على صوت الصيحات الالم الشديد مع صرخات اخرى لطلب الغوث من اسراف سيراكوس بتعذيب الارواح .
في تلك اللحظة ... تضع روح الطفلة ايراك يدها على قبر والدها ، و تقسم على الخروج من خلف القبر و الاستسلام لسيراكوس ..
تتخذ خطواتها بكل خضوع و استسلام ...
الشيطان سيراكوس واقف على الجهة الاخرى من الشارع الكبير و قد وضع برميله الصغير على الارض و فوهته باتجاه ايراك ...
يد بيضاء ناعمة تمسك بذراع ايراك ، و اذا بسيد كبير السن ، واضحة عليه علامات الهيبة و الوقار و حوله هالة بيضاء من نور يرفع الطفلة ايراك و يضعها على كتفه و يشير بيده فيحرر كل الارواح المعذبة ..
ايراك لا تتمالك نفسها من البكاء و تحرص على مسح دموعها لتتمكن من رؤية اللحظة التي انتظرتها الف عام ...
تقف الارواح جميعها لتنظر الى الضوء الساطع المنبعث من احتراق الشيطان سيراكوس و انفجارات براميله المتوالية ، بخلاف الطفلة الصغيرة ايراك التي كانت تستمتع بالنوم على كتف ( السيد العظيم ) و تلقي نظرة اخيرة على قبر والدها ...
( صفاء البدري )